إن من أعظم أبواب الرحمة الإلهية التي تُفتح للعبد في زمن الغيبة الكبرى، هو باب "كفالة أيتام آل محمد (ص)". وليس المقصود هنا فقط اليتيم الذي فقد أباه الجسدي، بل هو ذلك اليتيم الروحي المنقطع عن إمام زمانه، التائه في حيرة الجهل، والذي لا يجد طريقاً يصل به إلى علوم آل محمد وهداهم
يقول الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في فضل هؤلاء الكافلين
فأشدّ من يتم هذا اليتيم [الذي فقد أباه] يتيمٌ ينقطع عن إمامه لا يقدر على الوصول إليه... ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدة إمامه يتيم في حجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى
لماذا هو عملٌ مبارك ومقدس؟
إن الذين يتصدون لهذه المهمة، سواء بنشر العلم، أو التثقيف، أو الدعم المادي والمعنوي لتقوية عقائد المؤمنين، يقومون بدور المنقذ
إنقاذ من الموت الروحي: هم لا يطعمون الأجساد طعاماً فانياً فحسب، بل يغذون الأرواح بعقيدة باقية، وينقذون المستضعفين من شباك الشبهات والضلال
نيابة عن الإمام: هم يقومون بالدور الذي يريده الإمام الغائب لشيعته؛ حفظ العهد، وحراسة الثغور العقائدية، وتطمين القلوب الخائفة
لكي يرتفع هذا العمل إلى عنان السماء، ويُكتب في صحائف "المنتظرين الصادقين"، لا بد أن يتوشح بوشاحين مقدسين
الإخلاص المطلق لله تعالى: أن يغيب "الأنا" تماماً. فلا يُنتظر من هذا العمل مدحٌ، ولا ثناءٌ، ولا وجاهةٌ اجتماعية. إن كافل أيتام آل محمد يعمل بصمت المحبين، يرى أن توفيق الله له بخدمة هؤلاء "الأيتام" هو نعمة تستحق الشكر، لا منّة يمنّ بها على أحد. هدفه الوحيد أن يرضى الله، وأن تُحفظ كلمة التوحيد والولاية
إدخال السرور على قلب صاحب الزمان (عج): إن أعظم هدية يمكن أن تقدمها لإمام زمانك في غربته، هي أن تأخذ بيد محبيه إليه. تخيل مدى سرور الإمام المهدي (أرواحنا فداه) حين يرى عبداً من عبيد الله يرعى "رعيته" في غيبته، يحنو عليهم حنو الأب الشفيق، ويعلمهم معالم دينهم، ويصبر على أذاهم، ويقوي ضعفهم
هذا العمل هو شكل من أشكال النصرة للإمام قبل ظهوره.
هو تمهيد عملي لدولته المباركة بصناعة قواعد شعبية واعية ومؤمنة
يا من وفّقكم الله لهذا الثغر العظيم، اعلموا أنكم شركاء الأئمة في هداية الخلق. إن كل كلمة حق تغرسونها، وكل حيرة ترفعونها عن مؤمن، هي خطوة تقربكم زلفى إلى "بقية الله"
نسأل الله أن يجعل سعيكم هذا خالصاً لوجهه الكريم، خالياً من شوائب الرياء، وأن يجعله سبباً لنظرة رحيمة من صاحب الزمان إليكم، يمسح بها على قلوبكم، ويثبت بها أقدامكم، ويكتبكم في سجل "الممهدين" الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.